كل شخص ظالم واعتاد ان يظلم الناس اكيد حيجي اليوم ان ينقلب
عليه المظلوم بقوه كبيره من الله سبحانه وتعالي حيث يشل الله
حركتهم حتي يعرفوا ان لهم يوم ينتصر الحق.
فاعتبروا يا اولي الالباب , الظالم له يوم ينتهي ظلمه
فاعتبروا يا اولي الالباب!
العنف لا يولد الا العنف، والظلم مهما طال عهده فماله الى زوال، والحلم الوديع ينقلب
تحت الضغط الى مارد لا يوقفه احد، والاحداث الجاريه والتغيرات الهائله اكبر دليل على ذلك،
وهذه المتغيرات وتلك الاحداث تسير وفق سنن الهيه ، من الممكن ان يدخلها العبد تحت
سنه التدافع،
هذه السنن التي تشل حركه الظالمين، بل قد يكون هذا الدفع على ايدي اضعف المخلوقات،
التي لا يعيرها الانسان اهتماما، والتاريخ خير شاهد على ذلك، فهذا النمرود الذي تكبر وتجبر
في الارض حتى قال: ﴿ انا احيي واميت ﴾، فاماته الله ببعوضه ضعيفه ، ولكنها جند من
جنود الله.
ونمرود اخر قال: ﴿ انا ربكم الاعلى ﴾، وذلك عندما غره ملكه وسلطانه، وتفاخر بذلك قائلا:
﴿ اليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي ﴾ [الزخرف: 51]، فحطمه الله بملكه،
واجرى الانهار من فوقه؛ لان ملك الملك فوق كل ملك، وسلطانه فوق كل سلطان.
وقد ظن الظالمون ان الامهال انما هو منحه فوق منحه ، وعطيه فوق عطيه ،
ولم يعلم هؤلاء
ان ذلك استدراج؛ قال تعالى: ﴿ سنستدرجهم من حيث لا يعلمون * واملي لهم ان كيدي متين ﴾
[الاعراف: 182 – 183]، [القلم: 44 – 45].
لقد تناسى هؤلاء في وسط سكره الملك والسلطان ان الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون،
وان الله يمهل ولا يهمل، الم يقرؤوا قوله – تعالى -: ﴿ ولا تحسبن الله غافلا
عما يعمل الظالمون ﴾
[ابراهيم: 42]، لقد تعطل فهمهم، وضلت عقولهم؛ لان الامهال يعقبه الاخذ، والاخذ يكون لعبره وحكمه
قال تعالى: ﴿ ذلك من انباء القرى نقصه عليك منها قائم وحصيد * وما ظلمناهم ولكن ظلموا انفسهم
فما اغنت عنهم الهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء امر ربك
وما زادوهم غير تتبيب *
وكذلك اخذ ربك اذا اخذ القرى وهي ظالمه ان اخذه اليم شديد ﴾ [هود: 100 –
102].
يقول الشيخ رشيد رضا: “هذه الايات الثلاث في العبره العامه بما في اهلاك الامم الظالمه
في الدنيا من موعظه ،
ويتلوها العبره بعذاب الاخره ؛ قال – تعالى -: ﴿ ذلك من انباء القرى ﴾ [هود: 100]؛
اي:
ذلك الذي قصصناه عليك ايها الرسول بعض انباء الامم؛ اي: اهم اخبارها، واطوار اجتماعها في
القرى
والمدائن من قوم نوح ومن بعدهم – نقصه عليك – في هذا القران او هذه
السوره ؛ لتتلوه على الناس،
ويتلوه المؤمنون انا بعد ان؛ للانذار به تبليغا عنا، فهو مقصوص من لدنا بكلامنا، ﴿ منها
قائم وحصيد ﴾
[هود: 100]؛ اي: من تلك القرى ما له بقايا مائله ، واثار باقيه ، كالزرع
القائم في الارض، كقرى قوم صالح،
ومنها ما عفى ودرست اثاره، كالزرع المحصود الذي لم يبق منه بقيه في الارض، كقرى
قوم لوط.
﴿ وما ظلمناهم ولكن ظلموا انفسهم ﴾ [هود: 101]؛ اي: وما كان اهلاكهم بغير جرم استحقوا به
الهلاك،
ولكن ظلموا انفسهم بشركهم وفسادهم في الارض، واصرارهم حتى لم يعد فيهم بقيه من قبول
الحق،
وايثار الخير على الشر؛ بحيث لو بقوا زمنا اخر، لما ازدادوا الا ظلما وفجورا وفسادا،
كما قال نوح – عليه السلام -:
﴿انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا الا فاجرا كفارا ﴾ [نوح: 27]، وقد بالغت رسلهم
في وعظهم وارشادهم، فما
زادهم نصحهم لهم الا عنادا واصرارا، وانذروهم العذاب، فتماروا بالنذر؛ استكبارا، واتكلوا على دفع الهتهم
العذاب
عنهم ان هو نزل بهم.
﴿ فما اغنت عنهم الهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء امر ربك ﴾
[هود: 101]؛ اي: فما نفعتهم
الهتهم التي كانوا يدعونها، ويطلبون منها ان تدفع عنهم الضر بنفسها او بشفاعتها عند الله
– تعالى – لما جاء
عذاب ربك تصديقا لنذر رسله، ﴿ وما زادوهم غير تتبيب ﴾ [هود: 101]؛ اي: هلاك وتخسير وتدمير،
وهو من التباب؛
اي: الخسران، والهلاك.
﴿ وكذلك اخذ ربك اذا اخذ القرى وهي ظالمه ﴾ [هود: 102]؛ اي: ومثل ذلك الاخذ بالعذاب، وعلى نحو منه اخذ ربك
لاهل القرى في حال تلبسها بالظلم في كل زمان وكل قوم، ﴿ ان اخذه اليم شديد ﴾ [هود: 102]؛ اي: وجيع قاس
لا هواده فيه، ولا مفر منه ولا مناص، اخرج احمد والبخاري ومسلموالترمذي وابن ماجه عنابي موسى الاشعري
– رضي الله عنه – مرفوعا: ((ان الله – سبحانه وتعالى – ليملي للظالم، حتى اذا
اخذه لم يفلته، ثم قرا – صلى الله عليه وسلم
– هذه الايه ، وهو تصريح بعمومها، ولكن الظالمين قلما يعدون، ولا سيما اذا كانوا
مع ظلمهم مغرورين بدين يتحلون بلقبه
، ولا يحسبون حسابا لاملاء الله – تعالى – واستدراجه.
ثم ختم الله الايات بقوله: ﴿ ان في ذلك لايه لمن خاف عذاب الاخره ﴾ [هود:
103]؛ هذه عبره للظالمين،
فهل هناك عبره للمظلومين؟!
نعم هناك عبره للمظلومين من الممكن ان ياخذها الانسان من قوله – تعالى -: ﴿ ان
الذين توفاهم الملائكه
ظالمي انفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض قالوا الم تكن ارض الله
واسعه فتهاجروا فيها
فاولئك ماواهم جهنم وساءت مصيرا ﴾ [النساء: 97]، وموضع الشاهد في الايه ان المظلوم له مخرج،
وان بيده
ان يرفع الظلم عن نفسه بترك موطن الظلم، او ان ينحي الظلم عنه، فهل من معتبر؟!