توجد الكثير من القصص الدينية الجميلة التى تكون الهدف منها الاستفادة و العبرة و من
ضمن القصص الدينية الهامة هى قصة ابليس مع الله و ما هى الدروس المستفادة من
هذه القصة .
رفض الشيطان الرجيم أن يسجد لآدم، عندما أمره الله بذلك، رغم أن آدم تعلم من
الله ما لم يكن يعرفه أحد، رفض الشيطان ذلك استكبارًا، نظر إلى أصل النشأة، وقال
مبررًا رفضه لله سبحانه وتعالى «خلقتنى من نار وخلقته من طين» مقدمًا نفسه على آدم
حتى فى ترتيب الضمائر.. لكن هل الشيطان حقا من جماعة الملائكة؟
خلق إبليس من نار
ومن قبل توقف ابن كثير فى «البداية والنهاية» عند باب خلق الجان وقصة الشيطان، وقال
فيها، قال الله تعالى فى سورة الرحمن «خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ * وَخَلَقَ الْجَانَّ
مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ» وقال ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، والحسن،
وغير واحد «مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ» قالوا: من طرف اللهب، وفى رواية من خالصه، وأحسنه،
وفيما رواه مسلم «خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من نار، وخلق آدم مما وصف
لكم».
كان من الملائكة
وقال كثير من علماء التفسير: خلقت الجن قبل آدم عليه السلام، وذكر السدى فى تفسيره:
«لما فرغ الله من خلق ما أحب، استوى على العرش، فجعل إبليس على ملك الدنيا،
وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم الجن، وإنما سموا الجن لأنهم خُزان الجنة، وكان
إبليس مع ملكه خازنًا، فوقع فى صدره إنما أعطانى الله هذا لمزية لى على الملائكة».
وكثير من الحكايات عن إبليس فى الإسلام مردها إلى ابن عباس، الذى قال «إن الجن
لما أفسدوا فى الأرض، وسفكوا الدماء، بعث الله إليهم إبليس ومعه جند من الملائكة، فقتلوهم،
وأجلوهم عن الأرض، إلى جزائر البحور»، وقال أيضا: «كان اسم إبليس قبل أن يرتكب المعصية
عزازيل، وكان من سكان الأرض، ومن أشد الملائكة اجتهادًا، وأكثرهم علمًا، وكان من حى يقال
لهم الجن»، بينما روى ابن أبى حاتم، عن سعيد بن جبير، أن إبليس «كان من
أشرف الملائكة من أولى الأجنحة الأربعة»، وكل ذلك أكده ابن جريج نقلا عن ابن عباس
«كان إبليس من أشرف الملائكة، وأكرمهم قبيلة، وكان خازنًا على الجنان، وكان له سلطان سماء
الدنيا، وكان له سلطان الأرض»، ومما قاله ابن عباس أيضا أن «الشيطان كان يسوس ما
بين السماء والأرض».
كان من الجن
بينما ذهب الحسن البصرى برأى مخالف لابن عباس: «لم يكن من الملائكة طرفة عين، وإنه
لأصل الجن، كما أن آدم أصل البشر»، وقال آخرون: «كان إبليس من الجن الذين طردتهم
الملائكة، فأسره بعضهم، وذهب به إلى السماء». بينما يقول الشيخ الشعراوى فى كتابه «معجزة القرآن»
فى الجزء الثامن إجابة عن سؤال: هل كان إبليس يعيش مع الملائكة وقت أن أصدر
الله سبحانه وتعالى الأمر بالسجود؟ بعض الناس قالوا إن الجن والملائكة كانت تعيش ذلك الوقت
فى مكان واحد.. ولكن هذا القول يضع قيودا على قدرات الله سبحانه وتعالي، ذلك أن
الله سبحانه وتعالى لا يحده زمان ولا مكان، ولذلك فإنه ليس من موجبات وصول أمر
السجود إلى إبليس أن يعيش مع الملائكة فى مكان واحد وقت صدور الأمر بالسجود، ولو
كان إبليس يعيش فى آخر الدنيا، والملائكة يعيشون فى السموات العليا فإن الله سبحانه وتعالى
قادر على أن يوصل أمر السجود إلى الملائكة، وإبليس فى نفس اللحظة رغم بعد المسافة،
والله لا زمان عنده ولا مكان، لأن الزمان والمكان من خلق الله».
فى الكتاب المقدس
هناك لفتة جميلة فى تفسير الكتاب المقدس، تقول إجابة عن سؤال: هل خلق الله الشيطان؟
إن الله لم يخلق الشيطان إبليس، فالواقع هو أنه خلق الشخص الذى صار لاحقا الشيطان،
فالكتاب المقدس يقول عن الله «كامل صنيعه، لأن جميع طرقه عدل، إله أمانة لا ظلم
عنده، بار ومستقيم هو» (تثنية ٣٢:٣-٥) ومن هنا نستنتج أن الشيطان إبليس كان فى وقت
من الأوقات كاملا وبارا، واحدا من أبناء الله الملائكيين.
عقاب إبليس
عندما خالف إبليس الأمر واعترض على الرب عز وجل، وأخطأ فى قوله، وابتعد من رحمة
ربه، وأُنزل من مرتبته التى كان قد نالها بعبادته، وكان قد تشبه بالملائكة، ولم يكن
من جنسهم لأنه مخلوق من نار، وهم من نور، فخانه طبعه فى أحوج ما كان
إليه، ورجع إلى أصله النار.
نعم كانت النتيجة أن أُهبط إبليس من الملأ الأعلى، وحرم عليه ما كان يسكنه، فنزل
إلى الأرض، حقيرًا، ذليلًا، مذءومًا، مدحورًا، متوعدًا بالنار، هو ومن اتبعه من الجن، والإنس.
بالطبع لم يتقبل إبليس بسهولة أمر طرده من ملكوت الله، ففكر ودبر للانتقام من الإنسان
الذى كان سببا فى كل ما حدث له.. لكن هذه قصة أخرى.