قدر كان أن نلتقي، وقدر كان أن نفترق، وربما تتكرر الأقدار ونلتقي. الصرخة لا تجدي،
والحزن لا يجدي، ولكن سيظل دربنا معموراً بالورود. وإن فرقتنا الأيام وتباعدت الأجساد، فإن في
الصدر قلب ينبض بكِ ويحيى بذكرك. لن نقول وداعاً بل ستبقى الذكرى وصور المحبة شامخة
في الذاكرة مع الأمل بالقاء. كنتم الأمل الذي يهدهد لحظات عمري ويطرد من عيوني الشجن،
وستصبحون الحلم والأمنية التي تفصلهم عن عالمي ملايين السنين. أكره مراسم الوداع، الذين نحبهم لا
نودعهم؛ لأننا في الحقيقة لا نفارقهم، لقد خلق الوداع للغرباء وليس للأحبّة. حتى لحظات الوداع
لا يجب أن تطول كثيراً. لا جدوي من الوداع يا صديق فلا يعقبه إلا الفراق.
في كل لحظة نلعن الوداع ألف مرة وننهال عليه باللوم والعتب؛ لأنّه يحول دون بقائنا
مع من نحب ومن نصادق، ولكن هل فكّرنا يوماً بإلقاء اللوم على اللقاء. لحظات الوداع،
لحظات شبيهة بالصدق، كثيفه الفضول بالغة التوتر، تختزل فيها التفاصيل التافهة وتتعامل مع الجواهر، تتألق
البصيرة وتتوهج الروح. ما من إنسان يحب الوداع، إنه يفرض علينا فرضاً، لا نملك إلا
أن نسلم به. إن الفراق فراق القلوب والوداع هو وداع المشاعر فكيف تودع شخص عزيز
عليك دون أن تجرحه. الوداع لا يقع إلا لمن يعشق بعينيه أما ذاك الذي يحب
بروحه وقلبه فلا ثمة انفصال أبداً.